كيف تستعدين لشهر رمضان.. ساعات قليلة ويحل علينا هذا الضيف العزيز الغالي الذي لا نراه إلا مرة واحدة في السنة.
ضيف قبل أن يأتي إلينا تأتي بوادر من النور والإيمان والألفة، نور يعم الصدور والعيون، وبقدومه كل شيء من حولنا يصبح جميلاً.
الطرق تزدان، والفوانيس تضاء في الشوارع، وتعلق الزينات، والناس لا تنام، وكأن الدنيا بمجيء رمضان أعلنت عن حركة دائبة بين البشر.
كل شي من حولنا جميل، وكل الوجوه ممتنة ومبتسمة وسعيدة، وكأن الدنيا ازدانت في أبهى صورها..
ولكن أين نحن من هذا كله؟ أين أنت يابن آدم يا من حملت الأمانة التي عرضت على السموات والأرض وأبين أن يحملنها؟! كيف استعددت لهذا الضيف الجميل؟ هل أحضرت كتابًا لتقرأه وتتعلم كل شيئًا عن رمضان ووسائل اغتنامه؟
كثيرًا منا يأتيه رمضان ولم يعد له العدة، بل قد يمر نصفه وهو يفكر أو قد لا يفكر كيف يمكنه أن يستغل رمضان بالشكل الأمثل.
ما رأيكن أن نجعل خواتم شعبان بداية لرمضان، ونحرص على اعتياد قراءة القرآن والصوم وسائر العبادات؟ ويكون شعبان بمنزلة دفعة لنا في رمضان، فيجب أن نزرع في شعبان لنحصد في رمضان.
فلنبدأ من الآن، اجعلن ضيفكن يأتي ويرى قلوبكن أيضًا مزدانة بالطاعات التي تضيء القلوب، وتجعل قلوبنا عبارة عن لآلئ بيضاء ناصعة.
تعالي معنا نغتنم هذه الفرصة العظيمة، ولا نجعلها تمر علينا، وندعو الله من قلوبنا أن يعيننا على فعل الخيرات وترك المنكرات، ونحمد الله رب العالمين؛ لأنه بلغنا رمضان.
تعالي معنا في هذه الخطوات لنستقبل ضيفًا عزيزًا على قلوبنا:
- جددي نية التوبة إلى الله، قال الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31].
- حاسبي نفسك قبل دخول رمضان.
- عاهدي الله على عدم العودة إلى الذنب ثانية.
- ادعي الله أن يبلغك رمضان، فقد روي عن أنس بن مالك t أنه قال: كان النبي إذا دخل رجب قال: "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان"[1].
- اجتهدي لمعرفة الأحكام الشرعية المتعلقة بهذا الشهر؛ لكي تحسني العبادة فيه من خلال قراءة وتعلم أحكام الصيام من الكتب وأشرطة العلماء.
- استحضري نية الصيام والإخلاص لله في كل ما تفعلينه؛ فإن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان صالحًا وابتُغي به وجهه، والعمل الصالح هو الخالص لله الموافق لسنة رسوله .
- ضعي برنامجًا للعبادة في شهر رمضان يشمل الصلاة والذكر والقيام والدعاء، وانتهزي فرصة الحياة والصحة والشباب لطاعة الله وحسن عبادته.
- استقبلي شهر رمضان بالفرح والسرور، فهو شهر تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار، وتغل فيه الشياطين، وتضاعف فيه الحسنات، وترفع الدرجات، وتغفر الخطايا والسيئات.
واستشعري نعمة الله علينا بهذه المواسم، وادعي الله كما كان يدعو رسول الله عندما يرى الهلال: "اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام، ربي وربك الله، هلال رشد وخير".
- احرصي على الصحبة الصالحة في رمضان، فهذا سيساعدك على تأدية العبادات، من خلال تشجيع إحداكن للأخرى؛ كإيقاظ صديقة لصلاة الفجر أو قبلها لصلاة قيام الليل، كذلك الاجتماع لتدارس القرآن لتفزن بما أخبر عنه رسول الله بقوله: "وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله في من عنده".
- خصصي وقتًا لقراءة القرآن؛ امتثالاً لقول النبي : "من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشرة أمثالها، لا أقول: الـم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف".
واحرصي على تدبر آيات القرآن؛ ليكون شفيعًا لك يوم القيامة. وقد تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه ألا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة بقوله تعالى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى} [طه: 123]. ومن المفيد والمشجع أن تشتري مصاحف لجميع أعضاء الأسرة.
- احرصي على الدعاء وأكثري منه في الليل والنهار، وأكثري من الإلحاح على الله، وكوني مؤمنة بقوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]، وقول رسوله : "للصائم دعوة لا ترد". وإن من الدعوات المستجابة دعاء الصائم حتى يفطر أو حين يفطر، ولا تنسي إخوانك المسلمين في كل مكان في هذا العالم؛ في العراق وأفغانستان وفلسطين.
- حافظي على الأوراد والأذكار اليومية، وإن استطعت فزيدي عليها.
- ابدئي في الاستيقاظ خلال ساعات الليل من أجل صلاة ركعتين؛ مصداقًا لقول النبي : "ركعتان في جوف الليل يكفران الخطايا". فإن واظبت قبيل رمضان بأيام على هذه العبادة الليلية، عودت نفسك على الاجتهاد للقيام في رمضان.
- حافظي -إن لم تكوني مواظبة- على 12 ركعة نافلة في اليوم، وقيام الليل على الأقل ركعتين يوميًّا.
- داومي على أداء صلاة التراويح يوميًّا، وختم القرآن مرة واحدة على الأقل طوال الشهر.
- حافظي على آداب الصيام من تأخير السحور إلى آخر جزء من الليل، وتعجيل الفطور إذا تحققت غروب الشمس، والزيادة في أعمال الخير، وأن يقول الصائم إذا شُتِم: "إني صائم"، فلا يسب من سبه، ولا يقابل السيئة بمثلها، بل يقابلها بالكلمة التي هي أحسن؛ ليتم صومه ويقبل عمله.
- احرصي على التصدق؛ لأن الصدقة تطفئ غضب الرب، وتداوي المرضى من عللهم، كما علمنا رسول الله بقوله: "داووا مرضاكم بالصدقة".
- رمضان فرصة لبر الوالدين وطاعتهم، والتصالح وصفاء القلوب فإن كان بينك وبين أحد خلاف، بادري بالصلح من خلال تهنئته بقدوم رمضان، فلا يكون بينك وبين أحد عداوة؛ لقول رسول الله : "يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن".
- جهزي نفسك من الآن على تفطير الصائمين، وزيارة المرضى.
- اجعلي هدفك الفوز بالرحمة في أوله، وبالمغفرة في أوسطه، والعتق من النار في آخره.
- أحيي ليالي العشر الأواخر من رمضان بالصلاة وقراءة القرآن والذكر والدعاء والاستغفار؛ اتباعًا للسنة وطلبًا لليلة القدر التي هي خير من ألف شهر (ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر)، وهي الليلة المباركة التي شرفها الله بإنزال القرآن فيها، وتنزل الملائكة والروح فيها، وهي الليلة التي من قامها إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، وهي محصورة في العشر الأواخر من رمضان.
فينبغي للمسلم أن يجتهد في كل ليلة منها بالصلاة والتوبة والذكر والدعاء والاستغفار وسؤال الجنة والنجاة من النار؛ لعل الله أن يتقبل منا ويتوب علينا ويدخلنا الجنة وينجينا من النار ووالدينا والمسلمين، وقد كان النبي إذا دخل العشر الأواخر من رمضان "شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله"، ولنا في رسول الله أسوة حسنة. وشد المئزر فُسِّر باعتزال النساء، وفسر بالتشمير في العبادة.
- ادعي الله أن يتقبل منك صيام رمضان.
[1] رواه البيهقي في الدعوات الكبير، وضعفه الألباني في مشكاة المصابيح (1369).
الكاتب: سحر مبروك
المصدر: موقع لها أون لاين